responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 133
كَانُوا مِثْلَهُمْ. وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ جَوَابٌ لقسم مقدّر. والبينات يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا التَّوْرَاةُ أَوِ التِّسْعُ الْآيَاتُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ [1] وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْجَمِيعُ. ثُمَّ عَبَدْتُمُ الْعِجْلَ بَعْدَ النَّظَرِ فِي تِلْكَ الْبَيِّنَاتِ حَالَ كَوْنِكُمْ ظَالِمِينَ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ الصَّادِرَةِ مِنْكُمْ عِنَادًا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْكُمْ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ قَالَ: هُوَ الْقُرْآنُ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِلِ، مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَشْيَاخٌ مِنَّا قَالُوا: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ أَعْلَمَ بِشَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا، لِأَنَّ مَعَنَا يَهُودَ وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَكُنَّا أَصْحَابَ وَثَنٍ، وَكَانُوا إِذَا بَلَغَهُمْ مِنَّا مَا يَكْرَهُونَ قَالُوا: إِنَّ نَبِيًّا لَيُبْعَثُ الْآنَ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ نَتَّبِعُهُ فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، فَلَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّبَعْنَاهُ وَكَفَرُوا بِهِ فَفِينَا وَاللَّهِ وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ: وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالُوا: كَانَتِ الْعَرَبُ تَمُرُّ بِالْيَهُودِ فَيُؤْذُونَهُمْ وَكَانُوا يَجِدُونَ مُحَمَّدًا فِي التَّوْرَاةِ فَيَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَهُ نَبِيًّا فَيُقَاتِلُونَ مَعَهُ الْعَرَبَ، فَلَمَّا جَاءَ مُحَمَّدٌ كَفَرُوا بِهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ نَحْوُ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ كَفَرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْيًا وَحَسَدًا للعرب فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ قَالَ: غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَرَّتَيْنِ بِكُفْرِهِمْ بِالْإِنْجِيلِ وَبِعِيسَى وَبِكُفْرِهِمْ بِالْقُرْآنِ وَبِمُحَمَّدٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ أَيْ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ من غيرهم فَباؤُ بِغَضَبٍ بِكُفْرِهِمْ بِهَذَا النَّبِيِّ عَلى غَضَبٍ كَانَ عليهم بما ضيعوه مِنَ التَّوْرَاةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ مَعْنَاهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ بِمَا بَعْدَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ قال:
بما وراءه: أي القرآن.

[سورة البقرة (2) : الآيات 93 الى 96]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93) قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (96)
قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ أَخْذِ الْمِيثَاقِ وَرَفْعِ الطُّورِ. وَالْأَمْرُ بِالسَّمَاعِ مَعْنَاهُ: الطَّاعَةُ وَالْقَبُولُ، وَلَيْسَ المراد: الْإِدْرَاكِ بِحَاسَّةِ السَّمْعِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» أَيْ: قَبِلَ وَأَجَابَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشاعر:

[1] الإسراء: 101.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست